الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ***
وعنه: ليست شرطًا، كقول مالك. لنا ثلاثة أحاديث: الحديث الأوَّل: قوله: "لا ناح إلا بوليٍّ، وشاهدي عدلٍ". وقد سبق فيما مضى والكلام فيه. 2714- الحديث الثاني: قال الترمذيُّ: حدَّثنا يوسف بن حمَّاد ثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "البغايا اللاتي يُنكحن أنفسهنَّ بغير بيِّنة". قالوا: قد قال الترمذيُّ: لا نعلم أحدًا رفعه إلا عبد الأعلى، وقد وقفه في مكان أخر، والصحيح أنَّه من قول ابن عبَّاس. قلنا: عبد الأعلى ثقةٌ، والرفع زيادةٌ، والزيادة من الثقة مقبولةٌ، وقد يرفع الراوي الحديث وقد يقفه. ز: الصحيح وقف هذا الحديث، فقد رواه الترمذيُّ أيضًا عن قتيبة عن غندرٍ عن سعيدٍ نحوه، ولم يرفعه. وقال يوسف: رفع عبد الأعلى هذا الحديث في التفسير، وأوقفه في كتاب الطلاق ولم يرفعه. قال البيهقيُّ: والصواب موقوفٌ O. 2715- الحديث الثالث: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عثمان بن جعفر بن محمَّد الأحول ثنا محمَّد بن إبراهيم ثنا محمَّد بن إسماعيل الجعفريُّ ثنا عبد الله ابن سلمة بن أسلم قال: حدَّثني محمَّد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدريِّ أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يضرُّ أحدكم بقليلٍ من ماله تزوَّج أو بكثيرٍ بعد أن يشهد". قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ابن أسلم ضعيفٌ. قال أحمد: لم يثبت في الشهادة شيءٌ. وقال ابن المنذر: الأحاديث في الشهادة لا تصحُّ. ز: حديث أبي سعيد هذا لا يصحُّ، وقد رواه تمَّام والبيهقيُّ من رواية أبي هارون العبديِّ عن أبي سعيدٍ، وسيأتي، وإسناده ضعيفٌ إلى أبي هارون غير محتجٍّ به. 2716- وقد روى عبد الوهاب بن عطاءٍ عن سعيدٍ عن قتادة عن الحسن وسعيد بن المسيَّب أنَّ عمرَ قال: لا نكاح إلا بوليٍّ وشاهدي عدلٍ. قال البيهقيُّ: هذا إسنادٌ صحيحٌ، ابن المسيَّب كان يقال له: راوية عمر، وكان ابن عمر يرسل إليه يسأله عن بعض شأن عمر وأمره. 2717- وروى مالكٌ عن أبي الزبير قال: أُتي عمر بنكاحٍ لم يَشْهَد عليه إلا رجلٌ وامرأةٌ، فقال: هذا نكاح السرِّ ولا أجيزه، ولو كنت تقدَّمت فيه لرجمت O.
وقال أبو حنيفة: ينعقد. وقد استدلَّ أصحابنا بقوله: "وشاهدي عدلٍ " على ما سبق.
وقال أبو حنيفة: ينعقد. لنا: قوله: "وشاهدي عدلٍ". وهذا إنما يطلق على الذكور. وقد قال الزهريُّ: مضت السنَّة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود والنكاح والطلاق. ز: 2718- قال سعيد بن منصور: ثنا هشيم أنا حجَّاج عن عطاء عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه أنَّه أجاز شهادة النساء مع الرجل في النكاح. قال البيهقي: هذا منقطعٌ، والحجَّاج بن أرطاة: لا يحتجُّ به O.
وقال أبو حنيفة: ينعقد. الحديث المتقدِّم، وقوله: "وشاهدي عدلٍ".
وقال أبو حنيفة: النسب والدِّين والحريَّة. وعنه: الدِّين والحريَّة والسلامة من العيوب. لنا: 2719- ما روى الدَّارَقُطْنِيُّ، قال: حدَّثنا أبو حامد محمَّد بن هارون الحضرميُّ ثنا محمَّد بن زكريا الأزرق ثنا سويد ثنا بقية بن الوليد قال: حدَّثني محمَّد بن الفضل عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الناس أكفاء: قبيلة لقبيلة، وعربيٌّ لعربيٍّ، ومولى لولى، إلا حائك أو حجَّام". 2720- طريق آخر: قال ابن عديٍّ: حدَّثنا الحسن بن سفيان ثنا محمَّد بن عبد الله بن عمَّار ثنا عثمان بن عبد الرحمن عن عليِّ بن عروة عن نافعٍ عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "العرب بعضها لبعضٍ أكفاء، والموالي بعضها لبعضٍ أكفاء، إلا حائك أو حجَّام". قال المصنِّف: محمَّد بن الفضل وعثمان بن عبد الرحمن وعليُّ بن عروة كلُّهم ضعافٌ. ز: الطريقان لا يحتجُّ بهما. وعثمان بن عبد الرحمن هو: الطرائفيُّ، من أهل حرَّان، وهو صدوقٌ إلا أنَّه يروي عن المجهولين، فهو في الجزريين كبقيَّة في الشاميين. وقد سقط بين عليِّ بن عروة وبين نافعٍ: ابنُ جريجٍ، كذلك هو في ترجمة عليِّ بن عروة من كتاب ابن عديٍّ. وقد روى هذا الحديث أبو عتبة عن بقية عن زرعة بن عبد الله الزبيديِّ عن عمران بن أبي الفضل عن نافع، وهو ضعيفٌ. وقد روي من وجهٍ آخر عن عائشة، وهو ضعيفٌ بمرَّةٍ. 2721- وقال الحاكم: ثنا الأصم ثنا الصَّغانيُّ ثنا شجاع بن الوليد ثنا بعض إخواننا عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العرب بعضها أكفاءٌ لبعضٍ: قبيلة بقبيلة، ورجل برجل؛ والموالي بعضها أكفاءٌ لبعضٍ: قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، إلا حائك او حجَّام". هذا منقطعٌ بين شجاعٍ وابن جريجٍ، حيث لم يسم شجاع بعض أصحابه O. احتجُّوا: 2722- بما رواه ابن عديٍّ، قال: حدَّثنا إبراهيم بن دحيم بمكة ثنا خالد بن يزيد الرمليُّ ثنا ضمرة عن إسماعيل بن عيَّاش عن محمَّد بن الوليد الزبيديِّ وابن سمعان عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة أنَّ أبا هند مولى بياضة كان حجَّاما حجم النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من سرَّه أن ينظر إلى من صوَّر الله الكتاب في قلبه فلينظر إلى أبي هند، أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه". قال ابن عديٍّ: هذا الحديث ينفرد به ابن عيَّاش عن الزبيديِّ، وهو منكرٌ من حديث الزبيديِّ، إلا أنَّ خالد بن يزيدٍ ذكر الزبيديَّ وابن سمعان، فكأن ابن عيَّاش حمل حديث الزبيديِّ على حديث ابن سمعان فأخطأ. قال المصنِّف: قلت: أمَّا ابن عيَّاش: فقال ابن حِبَّان: لمَّا كبر إسماعيل تغيَّر حفظه، فكثر الخطأ في حديثه ولا يعلم، فخرج عن حدِّ الاحتجاج به. وأما ابن سمعان: فقال مالكٌ ويحيى بن معينٍ: هو كذَّابٌ. ز: هذا الحديث لم يخرِّجوه، وقد ذكره ابن عديٍّ في ترجمة إسماعيل، وقال آخر ما تكلم عليه: والزبيدي ثقة، وابن سمعان ضعيف. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه: 2723- قال أبو داود: ثنا عبد الواحد بن غياث ثنا حمَّاد ثنا محمَّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنَّ أبا هند حجم النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليافوخ، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا بني بياضة، أنكحوا أبا هند، وانكحوا إليه " هذا إسناد جيِّد O.
وعنه: لا يبطل، ويقف على اعتراض الأولياء، كقول أكثرهم. 2724- أخبرنا أبو منصور القزَّاز أنا أبو بكر أحمد بن عليٍّ ثنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشميُّ ثنا أبو العبَّاس محمَّد بن أحمد الأثرم ثنا عليُّ بن حرب الطائيُّ ثنا الحارث بن عمران عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "تخيَّروا لنطفكم، ولا تضعوها إلا في الأكفاء". 2725- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا القاضي أحمد بن إسحاق ابن البهلول ثنا أبو سعيد الأشج ثنا الحارث بن عمران الجعفريُّ عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تخيَّروا لنطفكم، فأنكحوا الأكفَّاء وانكحوا إليهم". قال المصنِّف: مدار الطريقن على الحارث بن عمران، قال الدَّارَقُطْنِيُّ: هو ضعيفٌ. وقال ابن حِبَّان: كان يضع الحديث على الثقات. ز: كان فيه: (الحارث بن عمران الجعفيُّ) وهو خطأٌ، والصواب: (الجعفريُّ). وقد رواه ابن ماجة عن الأشج. وقال أبو حاتمٍ الرازيُّ: ليس بقويٍّ، والحديث الذي رواه عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تخيَّروا لنطفكم " لا أصل له. وقد روى هذا الحديث عن هشام أيضًا: عكرمة بن إبراهيم وأبو أميَّة بن يعلى، وكلاهما ضعيفٌ. وقد رواه غيرُهما عن هشام من الضعفاء. وقال الخطيب: كلُّ طرقه واهية، ورواه أبو المقدام هشام بن زيادٍ عن هشام بن عروةَ عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً، وهو أشبه بالصواب O. ولهم: حديث عائشة: أنَّّ فتاةً جاءت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: إنَّ أبي- ونعم الأب هو- زوَّجني ابنَ أخيه ليرفع بي خسيسته. فجعل الأمر إليها، فقالت: إنِّي قد أجزت ما صنع أبي، ولكنِّي أردت أن تعلم النساء أن ليس إل الآباء من الأمر شيءٌ. وقد ذكرناه بإسناده في مسألة إجبار البكر البالغ.
وقال أبو حنيفة: ينعقد بهما، وبكلِّ لفظٍ يدلُّ على التمليك، كلفظ البيع والهبة والملك. وأصحابنا يستدلون: بقوله تعالى: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} إلى قوله: (خَالِصَةً لَّكَ} [الأحزلب: 50]. 2726- وبما رواه أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدَّثنا الحسن بن الصبَّاح ثنا مكِّّي بن إبراهيم ثنا موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أيُّها الناس، إنَّ النساء عوان عندكم لا يملكن لأنفسهن ضرًّا ولا نفعًا، أخذتموهن بأمانة الله عز وجلَّ، واستحللتم قروجهن بكلمة الله". قالوا: وكلمة الله هي المذكورة في القرآن، ولم يذكر إلا الإنكاح والتزويج، فدلَّ على أن غير الكلمة لا يستحلُّ بها. ز: هذا الحديث من هذا الوجه غير مخرَّجٍ في شيءٍ من " الكتب السِّتَّة". وموسى بن عبيدة الزبيديُّ: ضعَّفه جماعةٌ من الأئمة. وقد أبعد المؤلِّف في ذكر هذا الحديث بهذا الإسناد وتركه: 2727- ما رواه مسلمٌ في حديث جابرٍ الطويل في الحجِّ: "فاتقوا الله قي النساء فإنَّكم أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله". واعلم أنَّ الآية والحديث لا يدلان على أنَّ النكاح لا ينعقد إلا بلفظ الإنكاح والتزويج. قال شيخنا العلامة أبو العبَّاس: أصحُّ قولي العلماء أنَّ النكاح ينعقد بكلِّ لفظٍ يدلُّ عليه، وهذا مذهب جمهور العلماء، كأبي حنيفة ومالك وأحد القولين في مذهب أحمد، بل نصوصه لم تدل إلا على هذا الوجه. وأمَّا الوجه الآخر- وهو: أنَّه إنَما ينعقد بلفظ الإنكاح أو التزويج- فهو قول أبي عبد الله بن حامدٍ وأتباعه، كالقاضي ومتبعيه. وأمَّا قدماء أصحاب أحمد وجمهورهم فلم يقولوا بهذا الوجه، وقد نصَّ أحمد في غير موضعٍ على أنَّه إذ قال: (أعتقت أمتي وجعلت عتقها صداقها) انعقد النكاح، وليس هذا لفظ إنكاح وتزويجٍ، ولهذا ذكر ابن عقيلٍ وغيره أنَّ هذا يدلُّ على أنَّه لا يختص النكاح بلفظٍ. وأمَّا ابن حامدٍ فطرد قوله، فقال: لا بدَّ أن يقول مع ذلك: وتزوجتها. والقاضي أبو يعلى جعل هذا خارجًا عن القياس، فجوَّز النكاح هنا بدون لفظ الإنكاح والتزويج. وأصول أحمد ونصوصه تخالف هذا، فإنَّ من أصله أنَّ العقود تنعقد بما يدلُّ على مقصودها من قولٍ وفعلٍ، فهو لا يرى اختصاصها بالصيغ. وقال شيخنا في موضعٍ آخر: وقد ظنَّ بعض الناس أنَّ المراد بكلمة الله قولُه: (أنكحتك وزوَّجتك)، وليس كذلك، فإنَّ هذا ليس كلام الله، بل هذا كلام المخلوقين، وهو مخلوقٌ، وكلام الله غير مخلوقٍ، وإنَّما كلمته: ما تكلم به، وهو شرعه وإباحته وإذنه في ذلك O. احتجُّوا: 2728- بما رواه البخاريُّ، قال: حدَّثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال: جاءت امرأةٌ إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالت: يا رسول الله، جئت أهب لك نفسي. فنظر إليها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فصعَّد النظر فيها، وصوَّبه، ثم طأطأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه، فلما رأت المرأة أنَّه لم يقض فيها شيئًا جلست، فقام رجلٌ من أصحابه فقال: يا رسول الله، إن لم يكن لك بها حاجة فزوِّجنيها. قال: "هل عندك من شيءٍ؟ " قال: لا والله! فقال: "اذهب إلى أهلك فانظر، هل تجد شيئًا؟ " فذهب، ثمي رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئًا! فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انظر ولو خاتمًا من حديدٍ". فذهب، ثم رجع فقال: لا والله يا رسول الله، ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري، فلها نصفه. فقال: "ما تصنع بإزارك إن لبستَه لم يكن عليها منه شيء، وإن لبستْه لم يكن عليك منه شيء؟!". فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولِّيًا، فأمر به فدعي، فلما جاء قال: "ماذا معك من القرآن؟". قال: معي سورة كذا وسورة كذا. عدَّدها. فقال: "تقرأهن عن ظهر قلبك؟". قال: نعم. قال: "اذهب، فقد ملكتكها بما معك من القرآن". أخرجه البخاريُّ ومسلم في " الصحيحين". والجواب: أنَّ هذا الحديث قد رواه مالكٌ والثوريُّ وابن عيينة وحمَّاد بن زيد وزائدة ووهيب والدَّراورديُّ وفضيل بن سليمان، فكلُّهم قال: زوجتكها. ورواه أبو غسان فقال: أنكحناكها. وإنَّما روى (ملكتكها) ثلاثة أنفس: معمرٌ- وكان كثير الغلط- وعبد العزيز بن أبي حازم ويعقوب الإسكندرانيُّ- وليسا بحافظين-، والأخذ برواية الحفَّاظ الفقهاء مع كثرتهم أولى. ز: هذا الحديث قد روي بألفاظٍ عدَّة، ولم يتكلَّم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بها كلِّها، وإنَّما تكلَّم [بلفظ] واحد منها، والباقي مرويٌّ بالمعنى. والنكاح ينعقد بكلِّ واحدٍ منها على الصحيح، وفي جواب المؤلِّف نظرٌ، فإنَّ رواية ابن عيينة: (أنكحتكها)، ورواية الثوريِّ: (أملكتكها)، ورواية أبي غسان: (أمكناكها)، وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: والصواب رواية من روى: (زوجتكها). وقال: وهم أكثر وأحفظ O.
وقال الشافعيُّ: لا يجوز. وقال أبو حنيفة ومالك: إن كانت صغيرة كقولنا، وإن كانت كبيرة كقول الشافعيِّ. لنا: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زوَّج ابنته فاطمة بمهرٍ قليلٍ، وهي أشرف نساء العرب. 2729- أخبرنا ابن ناصر الحافظ قال: أنبأنا الحسن بن أحمد ثنا أبو القاسم بن بشران أنا أحمد بن جعفر ثنا عبد الله بن أحمد ثنا إبراهيم بن عبد الله البصريُّ ثنا إبراهيم بن بشَّار ثنا سفيان عن ابن أبي نجيحٍ عن أبيه قال: أخبرني من سمع عليًّا عليه السلام قال: خطبت فاطمة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وهل عندك شيءٌ؟". قلت: لا. قال: "فأين درعك الحُطميَّة التي كنت أعطيتك يوم كذا وكذا؟". قلت: عندي. قال: "فأت بها". فأتيت بها، فأنكحنيها. ز: هذا الإسناد غير مخرَّج في شيءٍ من " الكتب السِّتَّة"، وفيه رجلٌ مبهمٌ. وإبراهيم بن بشَّار الرماديُّ: صدوقٌ، وقد تكلَّم فيه أحمد ويحيى. 2730- وقال أبو يعلى الموصليُّ: ثنا الحسن بن حمَّاد الكوفيُّ عَبدة بن سليمان ثنا سعيد بن أبي عروبة عن أيُّوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: لما تزوَّج عليٌّ فاطمة، قال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أعطها شيئًا". قال: ما عندي شيءٌ. قال: "فأين درعك الحُطميَّة؟". رواه أبو داود والنسائيُّ من حديث عَبدة O. 2731- أخبرنا ابن ناصر قال: أنبأنا الحسن بن أحمد أنا أبو عليٍّ بن شاذان ثنا محمَّد بن نهار التيميُّ ثنا عبد الملك بن حيار ثنا محمَّد بن دينار ثنا هشيم عن يونس عن الحسن عن أنسٍ قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا عليٌّ، إن الله أمرني أن أزوِّجك فاطمة، وإنِّي قد زوجتكها على أربعمائة مثقالٍ فضَّةٍ". ز: هذا حديث باطلٌ. ومحمَّد بن دينار: مجهولٌ. وكذلك عبد الملك، وقيل: إنما هو ابن خيار- بالخاء المعجمة-. ومحمَّد بن نهار: ضعَّفه الدَّارَقُطْنِيُّ، ولم يدركه ابن شاذان، بل سقط بينهما رجل، إمَّا أبو بكر الشافعيُّ أو ابن أبي نجيح أو غيرهما، والله أعلم O.
وقال مالكٌ: إن دخل بها الثاني فهو أحقُّ بها. لنا حديثان: 2732- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يونس ثنا أبان ثنا قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر أنَّ نبيَّ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أنكح الوليَّان فهو للأوَّل منهما، وإذا باع الرجل بيعا من رجلين فهو للأوَّل منهما". 2733- الحديث الثاني: قال أحمد: وحدَّثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن الحسن عن سمرة أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إذا أنكح الوليَّان فهو للأوَّل، وإذا باع وليَّان فالبيع للأوَّل". ز: روى حديث الحسن عن سمرة أصحاب " السنن الأربعة "، وحسَّنه الترمذيُّ. وروى حديث الحسن عن عقبة: النسائيُّ، ورواه ابن ماجة عن عقبة أو سمرة بالشك. وسماع الحسن من سمرة مختلفٌ فيه، ولم يسمع من عقبة بن عامر شيئًا. قاله ابن المدينيِّ. وقال البيهقيُّ: الصحيح رواية من رواه عن سمرة O.
وعنه: يجوز، كقول أبي حنيفة ومالك. استدلَّ أصحابنا: بقوله عليه السلام: "لا بدَّ في النكاح من أربعة. ". وقد سبق بإسناده. 2734- وروى أصحابنا من حديث سعيد بن المسيَّب أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يتزوَّج الرجل المرأة حتى يكون الوليُّ غيره". ز: كلا الحديثين لا يجوز الاحتجاج به، والله أعلم O. احتجُّوا: 2735- بما رواه الإمام أحمد، قال: حدَّثنا هشيم ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعتق صفيَّة بنتَ حييٍّ، وجعل عتقَها صداقَها. أخرجاه في " الصحيحين". قالوا: ولم ينقل أنَّه تولاها غيره.
وعنه: لا يصحُّ، كقول أكثرهم. لنا: أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعتق صفيَّة، وجعل عتقَها صداقَها. ز: قال البيهقيُّ: وقد روي من حديث ضعيف أنَّه أمهرها. ثم ذكره بإسناده. 2736- وروى من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع قال: كان ابن عمر يكره أن يجعل عتق المرأة مهرها، حتى يفرض لها صداقًا O.
وقال مالك وداود: يتزوَّج أربعًا. 2737- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا عبد الرحمن بن بشر ثنا سفيان عن محمَّد بن عبد الرحمن مول آل طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر قال: ينكح العبد امرأتين، ويطلِّق طلقتين، وتعتدُّ الأمة حيضتين. وقال الحكم: أجمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّ العبد لا ينكح أكثر من امرأتين. ز: 2738- رواه البيهقيُّ عن الحكم فقال: أنبأنا أبو عبد الله الحافظ إجازةً أنا أبو الوليد ثنا الحسن بن سفيان ثنا أبو بكر ثنا المحاربيُّ عن ليث عن الحكم قال: اجتمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أنَّ المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين O.
وقال مالكٌ والشافعيُّ: إذا كانت العدَّة من طلاق بائن جاز. وأصحابنا يستدلُّون: بقوله: (وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23]. قالوا: وإذا تزوَّج أختها جمع بينهما في استلحاق نسب ولديهما، وحبسهما عن الأزواج لحقِّه. واستدلُّوا بقوله عليه السلام: "ملعون من جمع ماءه في رحم أختين". ز: هذا الحديث لم أر له سندًا بعد أن فتشت عليه في كتب كثيرة O.
وقال داود: لا تحرم إلا إذا كانت في حجره. لنا حديثان ضعيفان: 2739- الحديث الأوَّل: قال الترمذيُّ: حدَّثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أيُّما رجلٍ نكح امرأةً فدخل بها فلا يحلُّ له نكاح ابنتها، وإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها، وأيُّما رجلٍ نكح امرأةً فدخل بها- أو لم يدخل بها- فلا يحلُّ له نكاح أمِّها". قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ لا يصحُّ من قبل إسناده، إنَّما رواه ابن لهيعة والمثنَّى بن الصبَّاح عن عمرو، وابن لهيعة والمثنَّى يضعَّفان. قال المصنِّف: قلت: قال أبو زرعة: ابن لهيعة ليس ممَّن يحتجُّ به. وقال أحمد بن حنبل والرازيُّ: المثنَّى بن الصبَّاح لا يساوي شيئًا. وقال النسائيُّ: متروك الحديث. ز: هذا الحديث انفرد به الترمذيُّ، وقد أسقط المؤلِّف منه قوله: (أو لم يدخل بها) ولا بد منه. وقد رواه البيهقيُّ من رواية: ابن المبارك عن مثنَّى؛ ومن رواية أبي الأسود عن ابن لهيعة. والأشبه أن يكون ابن لهيعة أخذه عن مثنَّى، ثم أسقطه، وقال: (عن عمرو)، وقد قال أبو حاتمٍ الرازيُّ: لم يسمع ابن لهيعة من عمرو بن شعيبٍ شيئًا O. 2740- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا أبو بكر الشافعيُّ ثنا محمَّد بن شاذان ثنا معلَّى بن منصور ثنا حفص بن غياث عن ليث عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: لا ينظر الله عز وجل إلى رجلٍ نظر إلى فرج امرأةٍ وابنتها. موقوف. قال الدَّارَقُطْنِيُّ: ليث وحمَّاد ضعيفان.
وقال أبو حنيفة والشافعيُّ: يجوز، إلا أنَّ أبا حنيفة قال: لا يطأ إلا بعد انقضاء العدَّة. لنا حديثان: 2741- الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: حدَّثني محمَّد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق- مولى تُجِيب- عن رويفع بن ثابت الأنصاريِّ قال: كنت مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين افتتح خيبر، فقام فينا خطيبًا، فقال: "لا يحلُّ لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرعَ غيرِه". ز: رواه أبو داود من رواية محمَّد بن سلمة وأبي معاوية كلاهما عن ابن إسحاق، وزاد: (حنشًا الصنعانيَّ) بين رويفع وأبي مرزوق. وكذلك رواه أحمد عن يعقوب عن أبيه عن ابن إسحاق. وحنش: ثقةٌ، روى له مسلمٌ. وأبو مرزوق: ثقةٌ. وقد رواه الترمذيُّ عن عمر بن حفص الشيبانيِّ البصريِّ عن ابن وهبٍ عن يحيى بن أيُّوب عن ربيعة بن سليمٍ عن بسر بن عُبيد الله عن رويفع مختصرًا، وقال: حديثٌ حسنٌ O. 2742- الحديث الثاني: قال أبو داود: حدَّثنا الحسن بن عليٍّ ثنا عبد الرزَّاق أنا ابن جريجٍ عن صفوان بن سُليمٍ عن سعيد بن المسيَّب عن رجلٍ من الأنصار- يقال له: بصرة- قال: تزوَّجت امرأةً بكرًا في سترها، فدخلت عليها، فإذا هي حبلى، فقال لي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لها الصداق بما استحللت من فرجها، والولد عبدٌ لك، فاذا ولدت فاجلدوها". قال المصنِّف: ومعنى قوله: (عبدٌ لك) أي: كالعبد لك. ز: قال البيهقيُّ: هذا الحديث إنَّما أخذه ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سُليم، وإبراهيم مختلفٌ في عدالته. وقد رواه أبو داود أيضًا: قال: ثنا محمَّد بن المثنَّى ثنا عثمان بن عمر ثنا عليٌّ عن يحيى عن يزيد بن نعيمٍ عن سعيد بن المسيَّب أنَّ رجلاً يقال له بصرة بن أكثم نكح امرأةً. فذكر معناه، زاد: وفرَّق بينهما O.
2743- قال أبو داود: حدَّثنا إبراهيم بن محمَّد التيميُّ ثنا يحيى ثنا عبيد الله بن الأخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ مرثدَ بن أبي مرثدٍ الغنويَّ كان يحمل الأسارى بمكَّة، وكان بمكَّة بغيٌّ يقال لها: عَناق، وكانت صديقته، قال: فجئت إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله، أنكح عَناقًا؟ فسكت عنِّي، فنزلت: (وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} [النور: 3]، فدعاني، فقرأها عليَّ، وقال لي: "لا تنكحها". 2744- قال أبو داود: وحدَّثنا مسدَّد ثنا عبد الوارث عن حبيب قال: حدَّثني عمرو بن شعيبٍ عن سعيد المقبريِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا ينكح الزاني المجلود إلا مثله". ومعلومٌ أنَّه بعد التوبة لا يسمَّى زانيًا. ز: حديث عبيد الله بن الأخنس عن عمرو: رواه النسائيُّ عن إبراهيم ابن محمَّد التيميِّ به. وإبراهيم: من القضاة الأثبات. ورواه الترمذيُّ عن عبد بن حميد عن روح بن عبادة عنه، وقال: حديث حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وحديث حبيبٍ عن عمروٍ: رواه أحمد عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن أبيه، وإسنادُه جيِّدٌ، والله أعلم O.
وقال الشافعيُّ: لا يثبت. وعن مالك كالمذهبين. وأصحابنا يستدلُّون: بقوله تعال: (وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكْم} [النساء: 22]. والنكاح حقيقة في الوطء. احتجَّ الخصم بحديثين: 2745- الحديث الأوَّل: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا عثمان بن أحمد الدَّقَّاق ثنا جعفر بن محمَّد بن الحسن الرازيُّ ثنا الهيثم بن اليمان ثنا عثمان ابن عبد الرحمن عن الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الحلال لا يفسد بالحرام". 2746- طريق آخر: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا يوسف بن يعقوب ثنا جدِّي ثنا عبد الله بن نافع- مولى بني مخزوم- عن المغيرة بن إسماعيل عن عثمان بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الرجل يتبع المرأة حرامًا ثم ينكح ابنتها، أو يتبع الابنة ثم ينكح أمِّها؟ قال: "لا يحرِّم الحرامُ الحلال". 2747- الحديث الثاني: قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ثنا عليُّ بن أحمد الجواربيُّ ثنا إسحاق بن محمَّد الفرويُّ ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا يحرِّم الحرامُ الحلال". والجواب: أمَّا الحديث الأوَّل: ففي الطريقين الأوَّلين: عثمان بن عبد الرحمن، وهو: الوقَّاصيُّ، قال يحيى بن معين: ليس بشيءٍ، كان يكذب. وضعَّفه ابن المدينيِّ جدًّا، وقال البخاريُّ والنسائيُّ والرازيُّ وأبو داود: ليس بشيءٍ. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: متروكٌ. وقال ابن حِبَّان: كان يروي عن الثقات الموضوعات، لا يجوز الاحتجاج به. وفي الحديث الثاني: عبد الله بن عمر، وهو: أخو عبيد الله، قال ابن حِبَّان: فحش خطؤه فاستحقَّ الترك. وفيه: إسحاق الفرويُّ، قال يحيى: لبس بشيءٍ، كذَّابٌ. وقال البخاريُّ: تركوه. ز: حديث عائشة: لم يخرِّجوه. وحديث ابن عمر: رواه ابن ماجة عن يحيى بن معلَّى بن منصور عن إسحاق بن محمَّد الفرويِ. وقال البيهقيُّ: حديث عائشة تفرَّد به عثمان بن عبد الرحمن الوقَّاصيُّ، وهو ضعيفٌ. قال يحيى بن معين وغيره من أئمة الحديث: والصحيح عن ابن شهاب الزهريِّ عن عليٍّ رضي الله عنه مرسلا موقوفا، وعنه عن بعض العلماء، وحديث عبد الله العمريِّ أمثل، والله أعلم. وقد وهم المؤلِّف في الكلام على الوقَّاصيِّ والفرويِّ، أمَّا الوقاصيُّ: فإنَّما قال فيه أبو حاتم الرازيُّ: متروك الحديث، ذاهب الحديث، كذَّاب. وكذلك النسائيُّ، إنَّما قال فيه: متروك الحديث. وقال مرَّة: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه. وكذلك البخاريُّ، إنَّما قال فيه: تركوه. وأمَّا الفرويُّ: فإنَّ الكلام الذي حكاه فيه عن يحيى والبخاريِّ إنَّما هو في: إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وأمَّا راوي هذا الحديث فهو: إسحاق بن محمَّد بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي الفرويُّ المدنيُّ، وقد روى عنه البخاريُّ في " صحيحه "، وتكلَّم فيه بعضهم، وهو متأخرٌ عن اسحاق ابن عبد الله، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: إن تزوجهنَّ في عقد واحد بطل نكاح الجميع؛ وإن كنَّ في عقود بطل نكاح ما بعد الأربع، والثانية من الأختين. 2748- قال الإمام أحمد: حدَّثنا إسماعيل أنا معمر عن الزهريِّ عن سالم عن أبيه أنَّ غيلان بن سلمة الثقفيَّ أسلم وتحته عشر نسوة، فقال له النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اختر منهن أربعا". فلما كان في عهد عمر طلَّق نساءه، وقَسَم ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر، فقال: إنِّي لأظنُ الشيطان- فيما يسترق من السمع- سمع بموتك، فقذفه في نفسك، وأيم الله، لتراجعنَّ نساءك، ولترجعن مالك، أو لأورثهنَّ، ولآمرنَّ بقبرك فيرجم، كلما رجم قبر أبي رغال. 2749- وقال الترمذيُّ: حدَّثنا هنَّاد ثنا عَبْدةُ عن سعيد بن أبي عَرُوبة عن مَعْمَر عن الزهريِّ عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر أنَّ غيلان بن سلمة الثقفيَّ أسلم وله عشر نسوة في الجاهليَّة، فأسلمن معه، فأمره النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخيَّر أربعًا منهنَّ. قال الترمذيُّ: سمعت محمَّد بن إسماعيل يقول: هذا حديثٌ غير محفوظٍ، والصحيح ما روى شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهريِّ قال: حدِّثت عن محمَّد بن سويد الثقفيِّ أنَّ غيلان بن سلمة أسلم وعنده عشر نسوة. قال محمَّد: وإنَّما حديث سالم عن أبيه أنَّ رجلاً من ثقيف طلَّق نساءه، فقال له عمر: لتراجعنَّ نساءك، أو لأرجمنَّ قبرك كما رجم قبر أبي رغال. ز: رواه ابن ماجة عن يحميى بن حكيم عن محمَّد بن جعفر عن مَعْمَر. ورواه أبو حاتم البُسْتِيُّ عن أبي يعلى الموصليِّ عن أبي خَيثمة عن إسماعيل، وعن عبد الله بن محمَّد الأزْدِيِّ عن إسحاق بن إبراهيم عن عيسى ابن يونس عن مَعْمَر. وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: رواه مَعْمَر بالبصرة عن الزهريِّ عن سالم عن أبيه عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حدَّث به ابن عليَّة ومروان بن معاوية وابن أبي عَروبة. وقيل عن سفيان الثوريِّ ويزيد بن زُريع والفضل بن موسى ويحيى بن أبي كثير وغُنْدَر عن مَعْمَر كذلك. وخالفهم عبد الرَّزَّاق، رواه عن مَعْمَر عن الزهريِّ مرسلاً. ورواه يونس عن الزهريِّ أنَّه بلغه عن عثمان بن محمَّد بن أبي سويد عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقول يونس أشبهها بالصواب. ورواه سَرَّار بن مُجَشِّر أبو عبيدة- ثقة من أهل البصرة- عن أيُّوب عن نافع وسالم عن ابن عمر أنَّ عثمان بن سلمة الثقفيَّ أسلم وعنده عشر نسوة، فأمره النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمسك منهن أربعًا. تفرَّد به سيف بن عبيد الله الجرميُّ عن سَرَّار. ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ بعد هذا الكلام عن عبد الله بن محمَّد بن سعيد عن أحمد ابن يوسف التغلبيِّ عن أبي عُبيد القاسم بن سلام عن يحيى بن سعيد عن سفيان عن مَعْمَر عن الزهريِّ عن أبيه أسلم غَيْلان. فذكره، وقال: تفرَّد به أبو عُبيد عن يحيى القطَّان عن الثوريِّ. وقال الأثرم: ذكرت لأبي عبد الله هذا الحديث، فقال: ما هو صحيحًا، هذا حدَّث به مَعْمَر بالبصرة فأسنده لهم، وقد حدَّث بأشياء بالبصرة فأخطأ فيها، أسند أحاديث وأخطأ، والناس يهمون. وقال مُهَنَّا: سألت أحمد عن هذا الحديث، فقال: ليس بصحيح، والعمل عليه. وسألت يحيى عنه، فقال: كان مَعْمَر يخطىء فيه بالعراق، وأمَّا باليمن فكان يقول: عن الزهريِّ مرسلاً. وقال مسلم بن الحجَّاج في حديث مَعْمَر: أهل اليمن أعرف بحديث مَعْمَر من غيرهم، فإنَّه حدَّث بهذا الحديث عن الزهريِّ عن سالم عن أبيه بالبصرة، وقد تفرَّد بروايته عنه البصريون، فإن حدَّث به ثقةٌ من غير أهل البصرة صار الحديث حديثًا، وإلا فالإرسال أولى. قال البيهقيُّ: قد رويناه عن غير أهل البصرة عن مَعْمَر كذلك موصولاً، فالله أعلم O. 2750- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: حدَّثنا محمَّد بن عمرو بن البختريِّ ثنا أحمد ابن الخليل ثنا الواقديُّ ثنا عبد الله بن جعفر الزهريُّ عن عبد الله بن أبي سفيان عن أبيه عن ابن عبَّاس قال: أسلم غيلان بن سلمة وتحته عشر نسوة، فأمره النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمسك أربعا، ويفارق سائرهن. 2751- قال الدَّارَقُطْنِيُّ: وحدَّثنا أبو بكر النيسابوريُّ ثنا أحمد بن الأزهر ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال: سمعت يحيى بن أيُّوب قال: حدَّثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشانيِّ عن الضحَّاك بن فيروز الديلميِّ عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، إنِّي أسلمت وتحتي أختان؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "طلِّق أيتهما شئت". قال المصنِّف: هذا الحديث أثبت من الذي قبله، لأنَّ ذاك فيه الواقديُّ، وقد كذَّبوه. ز: حديث فيروز: رواه أبو داود عن يحيى بن معين عن وهب بن جرير. وقال البيهقي: إسناده صحيحٌ. ورواه الترمذيُّ وابن ماجة من رواية ابن لَهِيعة عن أبي وهب. وقال البخاريُّ: الضحَّاك بن فيروز عن أبيه، روى عنه أبو وهب الجيشانيُّ، لا يعرف سماع بعضهم من بعض O.
وقال أبو حنيفة: تقع الفرقة باختلاف الدارين. أنَّ عكرمة وصفوان هربَا يوم الفتح إلى الطائف والساحل، فأسلمت امرأتاهما، فأخذتا لهما الأمان. وأسلم أبو سفيان بمر الظهران، وامرأته مقيمةٌ بمكَّة، وأقرهم النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على النكاح، وكانت مكَّة واليمن والطائف [والساحلٍ] دار شركٍ.
وقال مالكٌ: باطلةٌ. 2752- أخبرنا محمَّد بن عبد الباقي البزَّاز أنا أبو محمَّد الجوهريُّ أنا أبو عمر بن حيويه أنا أحمد بن معروف ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا محمَّد بن سعد أنا محمَّد بن عمر الأسلميُّ قال: حدَّثني محمَّد بن عبد الله بن مسلم عن [عمِّه] الزهريِّ عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خرجت من نكاح غير سفاح". ز: محمَّد بن عمر هو: الواقديُّ، وقد طعن فيه المؤلِّف قريبًا. وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه. 2753- وقال البيهقيُّ: أنا أبو نضر بن قتادة أنا أبو علي حامد بن محمَّد الرفاء أنا عليُّ بن عبد العزيز ثنا محمَّد بن أبي نُعيم ثنا هُشيم حدَّثني المدينيُّ عن أبي الحُويرث عن ابن عبَّاس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما ولدني من سفاح أهل الجاهلية شيء، ما ولدني إلا نكاح [] كنكاح الإسلام". ورواه الطبرانيُّ في " المعجم الكبير " عن عليِّ بن عبد العزيز، ثُمَّ قال: المدينيُّ هو عندي: فليح بن سليمان. كذا قال، والظاهر أنَّه إبراهيم بن أبي يحيى، وهو ضعيفٌ. وقال بعضهم: يحتمل أن يكون عبد الله بن جعفر، والد عليِّ بن المدينيِّ. وهو ضعيفٌ أيضًا. وأبو الحويرث: اسمه: عبد الرحمن بن معاوية، وهو متكلَّمٌ فيه O.
وقال أبو حنيفة: ليس بباطلٍ. وصفة الشغار: أن يقول: زوَّجتك ابنتي على أن تزوِّجني ابنتك بغير صداق. وقال الشافعيُّ: هذه صفته، وأن يقول: (ونضع كلَّ واحدةٍ منهما مهر الأخرى) فإن لم يقل فالنكاح صحيحٌ. 2754- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عبد الرحمن بن مهديٍّ ثنا مالك عن نافعٍ عن ابن عمر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الشغار. أخرجاه في " الصحيحين".
2755- قال الإمام أحمد: حدَّثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر قال: حدَّثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزنيِّ عن عقبة بن عامر أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إنَّ أحقَّ الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج". أخرجاه في " الصحيحين". احتجُّوا: 2756- بما رواه الإمام أحمد قال: حدَّثنا إسحاق بن عيسى قال: حدَّثني ليث قال: حدَّثني ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "ما بال أناس يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟! من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة شرط، شرط الله أحقُّ وأوثق". أخرجاه في " الصحيحين". وجوابه: أنَّا نقول به، ولا نسلِّم أنَّ هذا الشرط ليس في كتاب الله، فإنَّه قال تعالى: (أَوْفُوا بالْعُقُودِ} [المائدة: 2]. وقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من شرط شرطًا لزمه الوفاء به". ز: هذا الحديث لم يذكره المؤلِّف بإسناده، ولا أعرف له إسنادًا، والله أعلم O.
وقال أبو حنيفة: يصحُّ، ويبطل الشرط. 2757- قال الإمام أحمد: حدَّثنا الفضل بن دُكين ثنا سفيان عن أبي قيس عن هُزَيل بن شُرَحبيل عن عبد الله بن مسعود قال: لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المحلَّ والمحلَّل له. قال الترمذيُّ: هذا حديث صحيحٌ، وأبو قيس اسمه: عبد الرحمن بن ثروان. ز: رواه النسائيُّ من حديث أبي نُعيم، ورواه الترمذيُّ من حديث أيى أحمد الزبيريِّ عن سفيان. 2758- وقد روى أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذيُّ من حديث الشَّعبيِّ عن الحارث عن عليٍّ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه لعن المحلَّ والمحلَّل له. 2759- وروى أحمد وابن أبي شيبة والجُوزجانيُّ والبيهقيُّ بإسنادٍ جيِّدٍ عن المَقْبُرِيِّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لعن الله المُحِلَّ والمُحَلَّلَ له". وروى ابن ماجة عن ابن عبَّاس عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو ذلك. وقد صنَّف شيخنا العلامة أبو العبَّاس في هذه المسألة كتابًا جليلاً سمَّاه " كتاب بيان الدليل على بطلان التحليل "، ينبغي لكلِّ ذي لبٍّ أن ينظر فيه، لتقرَّ عينه، وينشرح صدره، والله الموفق O.
ووافق الشافعيُّ ومالكٌ إلا في الفتق. وقال أبو حنيفة: لا يفسخ إلا بالجَبِّ والعُنَّة. 2760- قال سعيد بن منصور: ثنا أبو معاوية ثنا جميل بن زيد الطائيُّ عن زيد بن كعب بن عُجْرَة قال: تزوَّج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امرأةً من بني غفار، فلمَّا دخلت عليه وضعت ثيابها، فرأى بكَشْحها بياضًا، فقال: "البسي ثيابك، والحقي بأهلك". ز: جميل بن زيد: ليس بثقة. قاله يحيى بن معين، وقال النسائيُّ: ليس بالقويِّ. وقد اختلف عليه في هذا الحديث: فقيل عنه: هكذا. وقال غير واحد عنه: عن ابن عمر. وقيل عنه: عن سعيد بن زيد، قال: وكان من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل عنه: عن عبد الله بن كعب. وقيل عنه: عن كعب بن زيد- أو زيد بن كعب-. وقال البخاريُّ: لم يصحّ حديثه. وقد روى أبو بكر بن عيَّاش عن جميل بن زيد قال: هذه أحاديث ابن عمر ما سمعت من ابن عمر شيئًا. 2761- وقال الإمام أحمد في "المسند": ثنا القاسم بن مالك المُزَنِيُّ أبو جعفر قال: أخبرني جميل بن زيد قال: صحبت شيخًا من الأنصار، ذكر أنه كانت له صحبة، يقال له: كعب بن زيد- أو: زيد بن كعب-، فحدَّثني أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تزوَّج امرأةً من بني غِفَار، فلمَّا دخل عليها فوضع ثوبه، وقعد على الفراشى أبصر بكَشْحها بياضا، فانحاز عن الفراش، ثم قال: "خذي عليك ثيابك". ولم يأخذ مما أتاها شيئا O. 2762- قال سعيد: وثنا هُشيم أنا يحيى بن سعيد ثنا سعيد بن المسيَّب أنَّ عمر بن الخطَّاب قال: أيُّما رجلٍ تزوَّج امرأةً، فدخل بها، فوجد بها برصا، أو مجنونة، أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه إياها، وهو له على من غرَّه منها. 2763- وقال الدَّارَقُطْنِيُّ: محمَّد بن مخلد ثنا عيسى بن أبي حرب ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيَّب قال: قضى عمر في البرصاء والجذماء والمجنونة- إذا دخل بها- فُرِّق بينهما، والصداق لها بمسيسه إيَّاها، وهو له على وليِّها. قال: قلت له: أنت سمعته؟ قال: نعم. ز: روى نحو هذا مالك عن يحيى بن سعيد. وعيسى هو: ابن موسى بن أبي حرب الصفَّار، وهو ثقةٌ، قال أبو داود: سمعت ابن حساب يقول: أكثر الله في الناس مثله O.
وقال أبو حنيفة: لها الخيار. 2764- قال الترمذيُّ: حدَّثنا عليُّ بن حُجْر أنا جرير بن عبد الحميد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان زوج بَرِيرة عبدًا، فخيَّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فاختارت نفسها، ولو كان حرًّا لم تخيَّر. 2765- قال الترمذيُّ: وحدَّثنا هنَّاد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: كان زوج بَرِيرة حرًّا فخيَّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. الحديثان صحيحان، ولكن قد قال البخاريُّ: قول الأسود منقطعٌ. ثُمَّ إنَّ راويه عروة عن عائشة وهي خالته، والقاسم عنها وهي عمته أولى من البعيدة. ز: حديث جرير عن هشام: رواه مسلمٌ وأبو داود، ورواه النسائيُّ، وقال في آخره: قال عروة: لو كان حرًّا ما خيَّّرها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث الأعمش عن إبراهيم: رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن حفص بن غياث عنه بنحوه: أنَّها أعتقت بريرة، فخيَّرها النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان لها زوجٌ حرٌّ. ورواه أبو داود والنسائيُّ من رواية منصور عن إبراهيم، ورواه النسائيُّ من رواية الحكم عنه. ولم يذكر المؤلِّف إسناد حديث القاسم عن عائشة، وقد رواه مسلمٌ وأبو داود والنسائيُّ من رواية سِمَاك بن حَرْبٍ عن عبد الرحمن بن القاسم عنه. وقد روى ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن عائشة أنَّ زوج بَرِيرة كان عبدًا. وكذلك رواه الدَّارَقُطْنِيُّ من رواية عثمان بن مِقْسَم عن يحيى بن سعيد عن عمرو عن عائشة. وقال البيهقيُّ في حديث الأسود عن عائشة: وقوله: (وكان زوجها حرًّا) من قول الأسود، لا من قول عائشة. ثُمَّ ذكر الدليل على ذلك. وقال البخاريُّ: قول الأسود منقطعٌ، وقول ابن عباس رأيته عبدًا أصحُّ. وقال إبراهيم بن أبي طالب: خالف الأسود بن يزيد الناس في زوج بَرِيرة، فقال: حرٌّ. وقال الناس: أنَّه كان عبدًا. قال البيهقيُّ: وقد روي عن أبي حذيفة عن الثوريِّ عن منصور عن إبراهيم، وعن أبي جعفر الرازيِّ عن الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة، قال أحدهما: أنَّ زوج بَرِيرة كان عبدًا حين أعتقت. وقال الآخر: قالت: كان زوج بَرِيرة مملوكًا لآل أبي أحمد. وليس ذاك بشيءٍ من هذين الوجهين، فرواية الجماعة عن الثوريِّ والأعمش بخلاف ذلك، وبالله التوفيق O.
وعن الشافعيِّ: كقولنا، وعنه: لها الخيار إلى ثلاث، وعنه: إن لم تختر على الفور فلا خيار لها. 2766- قال الإمام أحمد: حدَّثنا هُشيم أنا خالد عن عكرمة عن ابن عبَّاس قال: لمَّا خُيِّرت بَرِيرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة، ودموعه تسيل على لحيته، فكلَّم العبَّاس ليكلِّم فيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا بَرِيرة، إنَّه زوجك". قالت: تأمرني به يا رسول الله؟ قال: "إنما أنا شافع". قال: فخيَّرها، فاختارت نفسها، وكان عبدًا لآل المغيرة، يقال له: مغيث. ز: رواه البخاريُّ عن محمَّد عن الثقفيِّ عن خالد بنحوه. وقوله: (فكلَّم العبَّاس) فيه نظر، فإن عتق بريرة كان قبل إسلام العباس، ويحتمل أن ذلك كان وقت فدائه بعد بدر O. 2767- قال أحمد: وحدَّثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله ابن أبي جعفر عن الفضل بن عمرو بن أميَّة عن أبيه قال: سمعت رجالاً يتحدَّثون عن النبيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: "إذا أُعتقت الأمة فهي بالخيار ما لم يطأها، إن شاءت فارقته، وإن وطئها فلا خيار لها، ولا تستطيع فراقه". ز: ابن لهيعة: لا يحتجُّ به. والفضل: ليس بذاك المشهور، قال ابن أبي حاتم: الفضل بن عمرو ابن أُميَّة، روى عن أبيه عمرو بن أُميَّة، روى عنه صالح بن كيسان، سمعت أبي يقول ذلك. وقد روى النسائيُّ نحو هذا الحديث عن أحمد بن عبد الواحد عن مروان ابن محمَّد عن الليث- وذكر آخر قبله- عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الشَّعبيِّ عن عمرو بن أُميَّة الضَّمْرِيِّ أنَّ رجالاً من أصحاب النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدَّثوه به. قال النسائيُّ: هذا عندي حديثٌ منكرٌ O. 2768- وقال سعيد بن منصور: ثنا سفيان عن الزهريِّ عن سالم أنَّ أَمَةً لبني عَدِيِّ بن كعب أعتقت ولها زوجٌ، فقالت لها حفصة: إنِّي مخبرتك بشيءٍ وما أحب أن تفعليه، لك الخيار ما لم يَمَسّك زوجك، فإذا مَسَّك فلا خيار لك. قالت: فاشهدي أنِّي قد فارقته، ثُمَّ فارقته.
ويحكى عن مالك جواز ذلك، وأكثر أصحابه ينكرون أن يكون هذا مذهبًا له. 2769- قال الإمام أحمد: حدَّثنا عفَّان ثنا وهيب ثنا سهيل عن الحارث بن مُخَلَّد عن أبي هريرة عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا ينظر الله عزَّ وجلَّ إلى رجل جامع امرأته في دبرها". ز: رواه النسائيُّ وابن ماجة من حديث سهيل، ورواه أبو داود ولفظه: "ملعون من أتكى امرأة في دبرها". وهو حديث جيِّد الإسناد، وقد روي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة، والصواب: (عن الحارث) بدل: (عن أبيه). 2770- وقد روى غير واحد عن إسماعيل بن عيَّاش عن سهيل بن أبي صالح عن محمَّد بن المنكدر عن جابر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "استحيوا، إن الله لا يستحي من الحقِّ، لا يحل مأتى النساء في حشوشهن". والصواب حديث أبي هريرة، وإسماعيل ضعيفٌ في روايته عن غير الشاميين، والله أعلم O. قال المصنِّف: قد روى النهي عن هذا جماعة من الصحابة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، منهم: عمر بن الخطاب، وعليُّ بن أبي طالب، وابن مسعود، وأبو ذرٍّ، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عبَّاس، والبراء بن عازب، وعقبة بن عامر، وخزيمة بن ثابت، وطَلْقُ بن عليٍّ. وقد روي النهي عن ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين، وقد ذكرت جميع ذلك في جزء أفردت فيه هذه المسألة مستوفاة.
|